للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قومِك: الله أعبدُ (١) مفرِدًا له طاعتى وعبادتى، لا أجعلُ له في ذلك شريكًا، ولكنى أُفرِدُه بالألوهةِ، وأَبْرأُ مما سواه من الأندادِ والآلهةِ.

فاعبُدوا أنتم أيُّها القومُ، ما شِئتم من الأوثانِ والأصنامِ وغيرِ ذلك مما تعبُدون من سائرِ خلقِه، فستعلَمون وَبَالَ عاقبةِ عبادتِكم ذلك إذا لقيتُم ربَّكم.

وقولُه: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قل يا محمدُ لهم: إن الهالكِين الذين غَبَنوا أنفسَهم، وهلَكت بعذابِ اللهِ أهْلُوهم مع أنفسِهم، فلم يَكُنْ لهم إذ دخَلوا النارَ فيها أهلٌ، وقد كان لهم في الدنيا أهلون.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. قال: هم الكفارُ الذين خلَقهم اللهُ للنارِ وخلَق النارَ لهم، فزالت عنهم الدنيا، وحُرّمت عليهم الجنةُ، قال اللهُ: ﴿خَسِرَ (٢) الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ﴾ [الحج: ١١] (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِه: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. قال: هؤلاء أهلُ النارِ، خسِروا أنفسَهم في الدنيا، وخسِروا الأهلين، فلم يجِدوا في النارِ أهْلًا، وقد كان لهم في الدنيا أهلٌ.

حُدِّثتُ عن ابن أبي زائدةَ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ، قال: غُبنوا أنفسَهم


(١) بعده في م، ت ٣: "مخلصا"، وبعده في ت ٢: "مخلصا له"
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "خسروا".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٤ إلى المصنف.