للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اخْتلف أهلُ التأويلِ في هذه الآيةِ؛ هل هي مَنْسوخَةٌ أم لا؟ فقال بعضُهم: هي مُحْكَمَةٌ غيرُ منسوخةٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بن صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾: إنها لم تُنْسَخْ، ولكن حقّ تقاتِه أن يُجاهدَ (١) في اللَّهِ حقَّ جهادِه. ثم ذكَر تأويلَه الذي ذكَرناه عنه آنفًا.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن قيس بن سعدٍ، عن طاوسٍ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾: فإن لم تَفْعَلوا ولم تَسْتَطيعوا فلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وأنتم مُسْلِمُونَ (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قال طاوسٌ: قولُه: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. يقولُ: إن لم تَتَّقوه، فلا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون.

وقال آخرون: هي منسوخةٌ، نسَخها قولُه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦].


= والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٢٢ (٣٩١٠)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٢٨٣، وابن الجوزى في نواسخه ص ٢٤٤ من طريق أبي صالحٍ به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٥٩ إلى ابن المنذر.
(١) في م: "تجاهد".
(٢) تتمة الأثر المتقدم في ص ٦٣٩، وليس في الإسناد ذكر ابن أبي نجيح، وكذا فيما سيأتي في ص ٦٤٣، وهو الموافق لما في تفسير ابن أبي حاتم.