للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: سَمِعْتُ خَلَّادًا يقولُ: سَمِعْتُ عامرَ بنَ عبدِ الرحمنِ يقولُ: إن ابنَ عباسٍ كان يقولُ في هذه: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: فأما العذابُ مِن فوقِكم فأئمةُ السَّوْءِ، وأما العذابُ مِن تحتِ أرجلِكم فخَدَمُ السَّوْءِ (١).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ الله بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾. يعني: مِن أمرائِكم، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: يعني: سَفِلتِكم (٢).

وأولى التأويلين في ذلك بالصوابِ عندي قولُ مَن قال: عُنِي بالعذابِ مِن فوقِهم الرجمُ أو الطُّوفانُ، وما أشْبَهَ ذلك مما ينْزِلُ عليهم مِن فوقِ رءوسِهم، ومِن تحتِ أرجلِهم الخَسْفُ وما أشْبَهَه. وذلك أن المعروفَ في كلامِ العربِ مِن معنى "فوق" و "تحت" الأرجلِ، هو ذلك دونَ غيرِه، وإن كان لما رُوِي عن ابنِ عباسٍ في ذلك وجهٌ صحيحٌ، غيرَ أن الكلامَ إذا تُنُوزِع في تأويلِه، فحملُه على الأغلبِ الأشهرِ مِن معناه أحقُّ وأوْلَى مِن غيرِه، ما لم تأْتِ حُجَّةٌ مانعةٌ مِن ذلك يَجِبُ التسليمُ لها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أو يَخْلِطَكُم ﴿شِيَعًا﴾؛ فِرَقًا، واحدتُها شِيعةٌ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٠٩، ١٣١٠ (٧٤٠٠، ٧٤٠٧) عن يونس بن عبد الأعلى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦ إلى أبي الشيخ.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣١١ (٧٤٠٨) من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦ إلى أبي الشيخ.