للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجَّلْتُ لهم، ويُلهِهِمُ الأملُ عن الأخذ بحظِّهم من طاعة الله فيها، وتزودهم لمعادِهم منها بما يقرِّبُهم مِن ربِّهم، فسوف يعلمون غدًا إذا وردوا عليه وقد هلكوا على كُفْرِهم بالله وشركهم، حين يُعاينون عذابَ اللهِ، أنهم كانوا مِن تَمَتَّعِهم بما كانوا يَتَمَتَّعون فيها من اللذاتِ و (١) الشهوات، كانوا في خَسارٍ وتبابٍ.

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾.

يقول تعالى ذكرُه: وما أهلكْنا يا محمدُ ﴿مِن﴾ أهل قرية من أهل القرى التي أهْلَكْنا أهلها فيما مضَى، ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾. يقولُ: إلا ولها أجلٌ مؤقَّتٌ، ومدةٌ معروفةٌ، لا نُهْلِكُهم حتى يبلغوها، فإذا بلغوها أهلكناهم عند ذلك. فيقول (٢) لنبيِّه محمد : فكذلك أهل قريتك التي أنت منها، وهى مكة، لا نُهْلكٌ (٣) مشركي أهلِها إلا بعد بلوغ كتابهم أجلَه؛ لأن من قضائى أَلَّا أُهْلِكَ أَهلَ قريةٍ إلا بعد بلوغ كتابهم أجلَه.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾.

يقول تعالى ذكرُه: ما يَتَقَدَّمُ هلاكُ أمةٍ قبل أجلها الذي جعله الله أجلًا لهلاكها، ولا يَسْتَأْخِرُ هلاكها عن الأجلِ الذي جعل لها أجلًا.

كما حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاقُ، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريِّ في قوله: ﴿ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَئْخِرُونَ﴾. قال: نَرَى (٤)


(١) بعده في ت ١: "من".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "فقوله".
(٣) في ص، ت ٢: "يهلك".
(٤) في ت ٢، ف: "يرى".