للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُنْتَ فِي شَكٍّ﴾: ما كنتَ في شَكٍّ: ﴿مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ [يونس: ٩٤].

فالأَولَى من القولِ بالصوابِ في تأويلِ الآيةِ، إذ كانت القراءةُ التي ذكرتُ هي الصوابُ؛ لما بيَّنا من الدلالةِ في قولِه: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾. وقد أشرَك الذين ظلَموا أنفسَهم بربِّهم، وافْتَرَوْا عليه فِرْيتَهم عليه، وعندَ اللهِ علمُ شركِهم به وافترائِهم عليه، وهو مُعاقِبُهم على ذلك عقوبتَهم التي هم أهلُها، وما كان شركُهم وفِرْيتُهم على اللَّهِ لتزولَ منه الجبالُ، بل ما ضرُّوا بذلك إلا أنفسَهم، ولا عادت مغبَّة (١) مكروهِه إلا عليهم.

حدَّثنا الحسنُ بن محمدٍ، قال: ثنا وكيعُ بنُ الجراحِ، قال: ثنا الأعمشُ، عن شِمْرٍ، عن عليٍّ، قال: الغدرُ مكرٌ، والمكرُ كفرٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالَى: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧)﴾.

يقولُ تعالَى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ [يا محمدُ] (٢) مُخْلِفَ وَعْدِهِ الذي وعَدهم؛ [مِن عقوبةِ] (٣) مَنْ كَذَّبهم وجحَد ما أتَوْهم به من عندِه. وإنما قال ذلك تعالَى ذكرُه لنبيِّه؛ تثبيتًا وتشديدًا لعزيمتِه، ومعرفةَ أنه منزِلٌ من سُخْطِه بمن كذَّبه، وجحَد نبوَّتَه، وردَّ عليه ما أتاه به من عندِ اللَّهِ، مثالَ ما أنزَل بمَن سلَكوا سبيلَهم من الأممِ الذين كانوا قبلَهم على مثلِ منهاجِهم؛ من تكذيبِ رُسُلِهم، وجحودِ نبوَّتِهم، وردَّ ما جاءُوهم به من عندِ اللَّهِ عليهم.


(١) في م: "بغية".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: م، ف.