للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٧)﴾.

يقول تعالى ذكرُه: وكم أرسلنا من نبيٍّ يا محمد في القرون الأوّلين، الذين مضوا قبل قرنك الذي بُعثت فيه، كما أرسلناك في قومك من قريش،

﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. يقولُ: وما كان يأتى قرنًا من أولئك القرون، وأمةً من تلك (١) الأمم الأوّلين لنا، من نبيٍّ يدعوهم إلى الهدى وطريق الحقِّ، إلا كان الذين يأتيهم ذلك النبيُّ (٢) من تلك الأم يُنِّبئُهم (٣) الذي أُرسلُه إليهم، يستهزئون سُخرية منهم به (٤)، كاستهزاء قومك بك يا محمدُ. يقولُ: فلا يَعْظُمَن عليك ما يفعل بك قومُك، ولا يَشُقَّنَّ عليك؛ فإنهم إنما سلكوا في استهزائهم بك مَسْلكَ سُلَّافهم، ومنهاج أئمتهم الماضين من أهل الكفر بالله.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: فأهلكنا أشدَّ من هؤلاء المستهزئين بأنبيائهم بطشًا إذا بطشوا، فلم يعجزونا بقواهم وشدَّة بطشهم، ولم يقدروا على الامتناع من بأسنا إذ أتاهم، فالذين هم أضعفُ منهم قوةً أحرى أن لا يقدروا على الامتناع مِن غِيَرِنا (٥) إذا حلّت بهم، ﴿وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ جلّ ثناؤه: ومضى لهؤلاء المشركين.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أولئك".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نبيهم".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بهم".
(٥) في م: "نقمنا"، وفى ت ١: "بأسنا". وغيرُ الدهر: أحواله وأحداثه المتغيرة. الوسيط (غ ى ر).