للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويل قوله: ﴿أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١) (١٦٩)﴾.

يقول تعالى ذكره: ألم يُؤْخَذْ على هؤلاء المرتشين في أحكامهم، القائلين: سَيغفِرُ الله لنا فعلَنا هذا. إذا عُوتِبوا على ذلك - ﴿مِيثَاقُ الْكِتَابِ﴾؟ وهو أخذ الله العهودَ على بني إسرائيلَ بإقامة التوراة والعمل بما فيها، فقال جلّ ثناؤه لهؤلاء الذين قصَّ قِصَّتَهم في هذه الآية، مُوبِّخًا لهم على خِلافهم أمرَه، ونقضهم عهدَه وميثاقَه: ألم يأخذِ الله عليهم ميثاقَ كتابِه ألا يقولوا على الله إلا الحقَّ، ولا يُضِيفوا إليه إلَّا ما أنزلَه على رسوله موسى في التوارةِ، وألا يَكْذِبوا عليه.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عباس: ﴿أَلَم يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾. قال: فيما يوجِبُون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها (٢).

وأما قوله: ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾. فإنه معطوفٌ على قوله: ﴿وَرِثُوا الْكِتَابَ﴾. ومعناه: فخلَفَ من بعدهم خلفٌ ورِثوا الكتاب ودرسوا ما فيه. ويعنى بقولِه: ﴿وَدَرَسُوا مَا فِيهِ﴾: قرَءُوا ما فيه. يقولُ: ورثوا الكتاب فعلموا ما فيه ودرَسُوا، فضيَّعوه وترَكوا العملَ به، وخالفوا عهدَ الله إليهم في ذلك.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله:


(١) في ص، ت ١، ت ٣، س، ف: "يعقلون". وبالتاء قرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم، وبالياء قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم. ينظر حجة القراءات ص ٣٠١. وأثبتنا القراءة بالتاء كرسم مصحفنا، وإن كان تفسير المصنف على القراءة بالياء كما سيأتي.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٩٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٤٠ إلى أبي الشيخ.