للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا اتَّصلت قالَتْ أبكر بن وائلٍ … وبَكْرٌ سبَتْها والأُنوفُ رَواغِمُ

يعنى بقوله: اتَّصَلَت. انْتَسَبَت.

ولا وجهَ لهذا التأويل في هذا الموضعِ؛ لأن (١) الانْتِسابَ إلى قومٍ مِن أهلِ المُوادعةِ والعَهْدِ، لو كان يُوجِبُ للمُنتَسِبين إليهم ما لهم، إذا لم يَكُنْ لهم مِن العهد والأمانِ [ما لمن له العهدُ والأمان منهم] (٢) - لما كان رسولُ اللهِ لِيُقاتِلَ قريشًا وهم أنسباءُ السابقين الأوَّلين، ولأهل الإيمان من الحقِّ بإيمانهم أكثرُ مما لأهل العهدِ بعهدِهم، وفى قتال رسولِ اللهِ مُشْرِكى قريشٍ بتركها الدخول فيما دخل فيه أهلُ الإيمان منهم، مع قرب أنسابِهم من أنسابِ المؤمنين منهم - الدليلُ الواضحُ أن انتِسابَ مَن لا عهد له إلى ذى العهد منهم، لم يَكُنْ مُوجِبًا له من العهد ما لذي العهد منهم من انتسابه.

فإن ظنَّ ذو غَفْلَةٍ أن قِتالَ النبيِّ مَن قاتَل مِن أنْسِباء المؤمنين من مشركى قريشٍ، إنما كان بعدَ ما نُسخ قولُه: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾. فإنّ أهل التأويل أجمَعوا على أن ذلك نُسخ ["ببراءة"، و"براءة"] (٣) نزَلَت بعدَ فتح مكةَ ودخول قريشٍ في الإسلامِ.

القولُ في تأويل قوله جل ثناؤُه: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ﴾.

قال أبو جعفر : يعنى بقوله جل ثناؤُه: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ﴾: فإن تولَّوْا فَخُذُوهم واقتُلوهم حيث


(١) في الأصل: "إلا".
(٢) في م: "ما لهم".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قراءة".