للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾. قال: بدعائِك (١).

وأَولَى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ أن يُقالَ: إن الله قال لإبليسَ: واسْتَفْزِزْ مِن ذُرِّيَّةِ آدمَ مَن استطعتَ أن تَسْتَفِزَّه بصوتِك. ولم يَخْصُصْ مِن ذلك صوتًا دونَ صوتٍ، فكلُّ صوتٍ كان دُعاءً إليه وإلى عمله وطاعتِه، وخِلافًا للدعاءِ إلى طاعةِ اللهِ، فهو داخلٌ في معنى صوتِه الذي قال اللهُ اسمُه له: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾.

وقوله: (وَأَجلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجْلِك (٢)). يقولُ: واجْمَعْ عليهم مِن رُكْبانِ جُندِك ومُشاتِهم مَن يُجْلِبُ عليهم (٣) بالدعاءِ إلى طاعتِك والصَّرْفِ عن طاعتى. يُقالُ منه: أَجْلَبَ فلانٌ على فلانٍ إجْلابًا. إذا صاح عليه. والجَلبَةُ: الصوتُ. وربما قيل: ما هذا الجلَبُ؟ كما يقالُ: الغَلَبَةُ والغَلَبُ، والشَّفَقَةُ والشَّفَقُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى سَلْمُ بنُ جُنادةَ، قال: ثنا ابن إدريسَ، قال: سمِعتُ ليثًا يَذْكُرُ عن مجاهدٍ في قولِه: (وَأَجَلِبْ عَلَيْهِم بِخَيلِكَ وَرَجْلِك). قال: كلُّ راكبٍ وماشٍ في معاصى اللهِ (٤).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ:


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٨١ عن معمر به مطولًا، وذكره البغوي في تفسيره ٥/ ١٠٥ مطولًا، وينظر تفسير ابن كثير ٥/ ٩١.
(٢) هكذا اختار هذه القراءة كما سيأتي بيان ذلك في الصفحة التالية حاشية (٧).
(٣) في م: "عليها".
(٤) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.