للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أين يَتصدَّقُ بالطعامِ إن بدا له؟ قال: بمكةَ، من أجلِ أنه بمنزلةِ الهَدْى، قال: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ - ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾. من أجلِ أنه أصابه في حَرَمٍ - يريدُ البيتَ - فجزاؤُه عندَ البيتِ (١).

فأما الهدىُ؛ [فإنَّ من جزى به] (٢) ما قتَل من الصيدِ، فلن يَجزيَه من كفَّارةِ ما قتَل من ذلك إلا أن يُبلغَه الكعبةَ طيِّبًا، [كما قال تعالى ذكرُه] (٣)، ويَنْحَرَه أَو يَذبَحَه، ويَتصدَّقَ به على مساكينِ الحَرَمِ. وعنى بالكعبةِ في هذا الموضعِ الحَرَمَ كلَّه.

ولمن [قدِم بهديهِ] (٤) الواجبِ من جزاءِ الصيدِ أن ينحَرَه في أيِّ (٥) وقتٍ شاء، قبلَ (٦) يومِ النحرِ وبعدَه، ويُطْعِمَه. وكذلك إن كفَّر بإطعامٍ، فله أن يكفِّرَ به متى أحبَّ، وحيث أحبَّ. وإن كفَّر بالصومٍ فكذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، خلا ما ذكَرنا من اختلافهم في التكفيرِ بالإطعامِ على ما قد بيَّنا فيما مضى.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا هنَّادٌ، قال: ثنا ابن أبي زائدةَ، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾. هل لصيامِه وقتٌ؟ قال: لا، إذا شاء، وحيث شاء، وتعجيلُه أحبُّ إليَّ (٧).


(١) أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ١٨٥)، ومن طريقه البيهقى (٥/ ١٨٧)، من طريق ابن جريج به.
(٢) في م: "فإنه من جرّاء".
(٣) سقط من م، ت ٢، وفى ص، ت ١: "قال تعالى ذكره".
(٤) في س: "قدّم هديه".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كل".
(٦) في س: "من".
(٧) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٣٣٠) إلى المصنف.