للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصدَّقوا بأن اللَّهَ قابلٌ توبةَ المذْنبين، وتائبٌ على المُنيبين، بإخلاصٍ مِن (١) قلوبِهم، ويقينٍ منهم بذلك، [﴿إِنَّ رَبَّكَ﴾ يا محمدُ، ﴿مِنْ بَعْدِهَا﴾. يعنى: من بعدِ توبتِهم من أعمالِهم السيِّئةِ] (٢) ﴿لَغَفُورٌ﴾ لهم. يقولُ: لساترٌ عليهم أعمالَهم السيئةَ، وغيرُ فاضِحِهم بها، ﴿رَحِيمٌ﴾ بهم وبكلِّ مَن كان مثلَهم مِن التائبين.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ﴾: ولما [سكَن عن موسى غضبُه] (٣). وكذلك كلُّ كافٍّ عن شيءٍ ساكتٌ عنه. وإنما قيل للساكتِ عن الكلامِ: ساكتٌ. لكفِّه عنه (٤).

وقد ذكِر عن يونسَ النحويِّ (٥) أنه قال: يقالُ: سكَت عنه الحزنُ. وكلُّ شيءٍ فيما زعَم. ومنه قولُ أبى النَّجمِ العجليِّ (٦):

وهَمَّت الأفْعَى بأنْ تَسِيحا (٧)

وسَكَتَ المُكَّاءُ (٨) أَنْ يَصِيحَا

- ﴿أَخَذَ الْأَلْوَاحَ﴾. يقولُ: أَخَذها بعدَما ألقاها، وقد ذهَب منها ما


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) سقط من: ص، س، وفى م، ت ١، ت ٢: "كف موسى عن الغضب"، وفى ف: "سكت عن موسى الغضب".
(٤) ينظر مجاز القرآن ١/ ٢٢٩.
(٥) في ص، ت ٢، س، ف: "الحرمى"، وفى ت ١، ت ٣: "الجرمى". وينظر ما تقدم في ٨/ ٢٤٥، وفى ص ٤٥٩.
(٦) ديوانه "مجموع" ص ٩١.
(٧) في ص، ت ١، س، ف، غير منقوطة، وفى م: "تسبحا".
(٨) المكاء بالضم والتشديد: طائر يألف الريف، وجمعه مكاكىً، وهو فُعّال من مَكَا إِذا صَفَر. ينظر اللسان (م ك و)، وحياة الحيوان الكبرى ص ٣٢٢.