للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾. مَن ابتَغى أصابَه، ومَن عزَل لم يُصِبْه، فخيَّرهن بينَ أن يرضَين بهذا أو يُفارقَهن، فاختَرْنَ الله ورسولَه، إلا امرأةً واحدةً بدويةً ذهبَتَ، وكان على ذلك، صلواتُ اللهِ عليه، وقد شرَط اللهُ له هذا الشرطَ، ما زال يَعْدِلُ بينَهن حتى لَقِىَ الله (١).

وأَولى الأقوالِ في ذلك عندى بالصوابِ أن يقالَ: إن الله تعالى ذكْرُه جعَل لنبيِّه أن يُرْجىَ مِن النساءِ اللواتى أحَلَّهن له مَن يشاءُ، ويُؤْوِيَ إليه منهن مَن يَشَاءُ، وذلك أنه لم يَحْضُرُ معنى الإرجاءِ والإيواءِ على المنكوحاتِ اللواتي كُنَّ في حباله - ثمَّ (٢) نزلت هذه الآيةُ - دونَ غيرهنَّ ممن يَسْتَحْدِثُ إيواءَها أو إرجاءَها منهنّ. وإذ كان ذلك كذلك، فمعنى الكلامِ: تؤخِّرُ مَن تشاءُ ممن وهَبَت نفسَها لك، وأحللتُ لك نكاحَها، فلا تَقْبَلْها ولا تَنْكِحْها، [وممن هي] (٣) في حبالِك، فلا تقربْها، وتضمَّ إليك مِن تشاءُ، ممن وهَبَت نفسَها لك، أو أردتَ مِن النساءِ التي أحللتُ لك نكاحَهن، فتقبلُها أو تنكحها، وممن هي في جبالك، فتُجامِعُها إذا شئتَ، وتتركُها إذا شئتَ بغيرِ قَسْم.

وقولُه: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويل ذلك؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: ومَن نكحتَ مِن نسائِك فجامَعْتَ، ممن لم تنكحْ، فعزلتَه عن الجماعِ، فلا جناحَ عليك.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَمَنِ ابْتَغَيْتَ


(١) ذكره البغوي في تفسير ٦/ ٣٦٥.
(٢) في م: "عندما". وثم بمعنى: حيث.
(٣) في م: "أو ممن هن"، وفي ت ١: "وهى ممن".