للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنزل اللهُ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾. فقلتُ: إن ربَّك ليُسارعُ في هَواك (١).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بشرٌ، يعنى العَبْدِي، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن عائشة أنها كانت تعيرُ النساءِ اللاتى وهَبْنَ أَنفسَهنَّ لرسولِ الله وقالت: أما تَسْتَحْيى امرأةٌ أن تعرض نفسَها بغيرِ صداقٍ؟ فنزلَت - أو فأنزَل اللهُ -: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ﴾. فقلتُ: إنى لأرى ربَّك يُسارِعُ لك في هَواك (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ الآية. قال: كان أزواجُه قد تَغايَرْنَ على النبيِّ ، فهجرهنَّ شهرًا، ثم نزَل التخييرُ مِن اللهِ له فيهن، فقَرأ حتى بلَغ: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. فخيرهنَّ بينَ أن يخترنَ أن يُخَلِّيَ سبيلَهنَّ ويُسَرِّحَهن، وبينَ أن يَقُمْنَ إن أردنَ اللهُ ورسولَه على أنهنَّ أمهاتُ المؤمنين، لا يُنْكَحْنَ أبدًا، وعلى أنه يُؤْوِى إليه مَن يشاءُ منهنَّ، ممن وهَب نفسَه له، حتى يكونَ هو يرفعُ رأسَه إليها، ويُرْجى مِن يشاءُ، حتى يكونَ هو يرفعُ رأسَه إليها، ومَن ابتَغى ممن هي عندَه وعَزَلَ، فلا جناحَ عليه، ذلك أدنى أن تَقَرَّ أعينُهنَّ ولا يحزنَّ، ويَرْضَين إذا عَلِمن أنه مِن قَضائى عليهنَّ إيثارُ بعضهنَّ على بعضٍ، ذلك أدْنَى أَنْ يرضَينْ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٤/ ٣٤٣ - وعنه مسلم (١٤٦٤/ ٥٠)، وابن ماجه (٢٠٠٠) - عن عبدة به، وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٣٦، تفسير مجاهد ص ٥٥٠ من طريق هشام به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ١٥٨ (الميمنية) عن محمد بن بشر به. وأخرجه البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤/ ٤٩)، وابن حبان (٦٣٦٧)، والبيهقى ٧/ ٥٥ من طريق هشام به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢١٠، ٢١١ إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.