للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾. قال: الرحمِ (١).

وقولُه: ﴿إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾. يقولُ: إلى وقتٍ معلومٍ لخروجِه من الرَّحم عندَ اللهِ،

﴿فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾. اختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ: (فقدَّرنا) بالتشديدِ. وقرَأ ذلك عامةُ قرأةٍ الكوفةِ والبصرةِ بالتخفيفِ (٢).

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتان مَعروفتان، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، وإن كنتُ أُوثِرُ (٣) التخفيفَ؛ لقولِه: ﴿فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ﴾. إذ كانت العربُ قد تَجمَعُ بينَ اللغتين، كما قال: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ [الطارق: ١٧].

فجمَع بينَ التشديدِ والتخفيفِ، و (٤) كما قال الأعشى (٥):

وأنكَرَتْني وما كان الذي نكِرَت … من الحوادِثِ إلا الشيبَ والصَّلَعا

وقد يجوزُ أن يكونَ المعنى في التشديدِ والتخفيفِ واحدًا، فإنه محكيٌّ عن العرب: قُدِر عليه الموتُ وقُدِّر. بالتخفيفِ والتشديد (٦).


(١) تفسير مجاهد ص ٦٩١.
(٢) قراءة التشديد هي قراءة نافع والكسائي، وقرأ بالتخفيف ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة. ينظر حجة القراءات ص ٧٤٣.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢ ت: "تؤثر".
(٤) سقط من: م، ت ٣.
(٥) تقدم في ١٢/ ٤٧٢.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٢٣، ٢٢٤.