للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقولُه: ﴿وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾. يقولُ: ولم يَزَلْ فضلُ اللَّهِ عليك] (١) يا محمدُ مذ خلَقك، عظيمًا فاشْكُرْه على ما أوْلاك مِن إحسانِه إليك بالتمسُّكِ بطاعتِه، والمسارعةِ إلى رضاه ومحبتِه، ولزومِ العملِ بما أنْزَل إليك في كتابِه وحكمتِه، ومخالفةِ مَن حاول إضلالَك عن طريقِه ومنهاجِ دينِه، فإن اللَّهَ هو الذي يَتَولّاك بفضلِه ويَكْفِيك غائلةَ مَن أرادَك بسوءٍ وحاوَل صدَّك عن سبيلِه، كما كفاك أمرَ الطائفةِ التي همَّت أن تُضِلُّك عن سبيلِه في أمرِ هذا الخائنِ، ولا أحدَ مِن دونِه يُنْقِذُك مِن سوءٍ إن أراد بك، إن أنت خالَفتَه في شيءٍ مِن أمره ونهيِه، واتَّبَعْت هوَى مَن حاوَل صدَّك عن سبيلِه.

وهذه الآيةُ تَنْبِيهٌ مِن اللهِ ﷿ نبيَّه محمدًا على موضعِ خَطئِه (٢)، وتذكيرٌ منه له الواجبَ عليه مِن حقِّه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١١٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يَعْنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾. لا خيرَ في كثيرٍ مِن نجوى الناسِ جميعًا، ﴿إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ﴾. والمعروفُ: هو كلُّ ما أمَر اللهُ به أو ندَب إليه مِن أعمالِ البرِّ والخيرِ، ﴿أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾: وهو الإصلاحُ بينَ المتبايِنَيْن أو المختصمَيْن بما أباح اللَّهُ الإصلاحَ بينَهما ليَتَراجَعا إلى ما فيه الأُلْفَةُ واجتماعُ الكلمةِ على ما أذِن اللهُ وأمَر به.

ثم أخبَر جلَّ ثناؤُه بما وعَد مَن فعَل ذلك، فقال: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س.
(٢) في الأصل، م: "حظه".