للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكفَّ اللهُ أيدىَ المشركين عنكم.

ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الذين كُفَّت أيديهم عنهم مَن هم؟ فقال بعضُهم هم اليهودُ، كفَّ اللهُ أيديَهم عن عِبالِ الذين ساروا من المدينةِ مع رسولِ اللهِ إلى مكةَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾: عن بَيْضتهِم (١)، وعن عِيالِهم بالمدينةِ، حينَ ساروا إلى الحديبيةِ وإلى خيبرَ، وكانت خيبرُ في ذلك الوجهِ (٢).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قوله: ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾. قال: كفَّ أيدىَ الناسِ عن عِيالهم بِالمدينةِ (٣).

وقال آخرون: بل عُنى بذلك أيدى قريشٍ، إذ حبسهم اللهُ عنهم، فلم يَقْدِروا لهم (٤) على مكروهٍ.

والذي قاله قتادةُ في ذلك عندى أشبهُ بتأويلِ الآية، وذلك أن كفَّ اللَّهِ أيدىَ المشركين مِن أهلِ مكةَ عن أهلِ الحديبيةِ قد ذكَره اللهُ بعد هذه الآيةِ في قولِه: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ﴾ [الفتح: ٢٤]. فعُلِم بذلك أن الكفُّ الذي ذكَرَه اللهُ تعالى ذكرُه في قوله: ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾ غَيرُ الكفُّ الذي ذكَر اللهُ بعدَ هذه الآيةِ في قولِه: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ


(١) في م: "بيوتهم". وبيضة القوم: حوزتهم وحماهم. الوسيط (ب ي ض).
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٧٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٢٧ عن معمر به.
(٤) في م، ت ٣: "له".