للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابنُ زِيدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾. قال: المُبْلِسُ: الذي قد نزل به الشرُّ. إذا أبلَس الرجلُ، فقد نزل به بلاءٌ.

وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ﴾. يقول تعالى ذكرُه: ويوم تقومُ الساعةُ لم (١) يكُنْ لهؤلاء المجرمين الذين وصف جلَّ ثناؤه صفتهم، من شركائهم الذين كانوا يتَّبِعونَهم، على ما دَعوهم إليه من الضلالة، فيُشاركونهم في الكفرِ بالله، والمعاونة على أذَى رُسُلِه، ﴿شُفَعَاءُ﴾ يشفعون لهم عندَ اللهِ، فيستنقذوهم من عذابه، ﴿وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (١٣)﴾. يقولُ: وكانوا بشركائهم في الضلالة، والمعاونة في الدنيا على أولياء الله، كافرين؛ يجحدون ولايتهم، ويتبرعون منهم، كما قال جل ثناؤه: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا﴾ [البقرة: ١٦٦، ١٦٧].

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ويوم تجيءُ الساعةُ التي يُحشَرُ فيها الخلق إلى اللَّهِ، ﴿يَوْمَئِذٍ﴾. يقولُ: في ذلك اليوم ﴿يَتَفَرَّقُونَ﴾. يعنى: يتفرَّقُ أهلُ الإيمان بالله، وأهل الكفر به؛ فأما أهل الإيمان، فيُؤخَذُ بهم ذات اليمين إلى الجنة، وأما أهل الكفر فيُؤخَذُ ذاتَ الشمال إلى النارِ، فهنالك يَميزُ اللَّهُ الخَبيثَ من الطيب.


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "ولم".