للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الواحدِ المُسْتَسِرَّةُ به، نهَى اللهُ عن ذلك (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا هُشَيمٌ، قال: أَخبَرَنا إِسماعيلُ بنُ سالمٍ، عن الشعبيِّ، قال: الزِّنا وَجْهان قَبيحان، أحدُهما أخبَثُ من الآخرِ؛ فأما الذي هو أخبَثُهما، فالمُسافِحةُ التي تَفْجُرُ بَمن أتاها، وأما الآخرُ: فذاتُ الخِدْنِ.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾. قال: المُسافِحُ الذي يَلْقَى المرأةَ فيَفجُرُ بها، ثم يَذهَبُ وتذهَبُ، والمُخادِنُ (٢) الذي يُقِيمُ معها على معصيةِ اللهِ وتُقِيمُ معه؛ فذاك الأخْدانُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾.

اخْتَلفتِ القَرَأَةُ في قراءةِ ذلك (٣)، فقرَأه بعضُهم: (فَإِذَا أَحْصَنَّ). بفتحِ الأَلِفِ، بمعنى: إِذا أَسْلَمْنَ، فصِرْنَ ممنوعاتِ الفُروجِ من الحرامِ بالإسلامِ.

وقرَأه آخرون: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾، بمعنى: فإِذا تَزَوَّجْنَ، فصِرْنَ ممنوعاتِ الفُروجِ من الحرامِ بالأزواجِ.

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ من القولِ في ذلك عندى أنهما قِراءتان مَعْروفَتان مُسْتَفيضَتان في أمصارِ الإسلامِ، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصِيبٌ في قراءتِه الصوابَ.

فإن ظَنَّ ظَانٌّ أن ما قلنا في ذلك غيرُ جائزٍ؛ إذ كانتا مُخْتَلِفَتَي المعنى، وإنما تجوزُ


(١) أخرج ابن أبي حاتم بعضه في تفسيره (٣/ ٩٢٣) (٥١٥٦) من طريق أبي معاذ به.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الأخدان".
(٣) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ﴿أُحْصِنَّ﴾ مضمومة الألف. وقرأ الكسائي وحمزة (أَحْصَنَّ) مفتوحة الألف. واختُلف عن عاصم فروى عنه حفص ﴿أُحْصِنَّ﴾ مضمومة. وروى عنه المفضل وأبو بكر (أَحْصَنّ) بالفتح. ينظر السبعة في القراءات ص ٢٣٠، ٢٣١، وحجة القراءات ص ١٩٨.