عبدِ اللَّهِ بن رافعِ مولى أمِّ سلمةَ زوج النبيِّ ﷺ، قال: سمِعْتُ أبا هريرةَ يقولُ: قال رسولُ اللَّهِ ﷺ: "لما أراد اللَّهُ حبْسَ يونُسَ في بطنِ الحوتِ أَوْحَى اللَّهُ إلى الحوتِ أن خُذْه، ولا تَخْدِشْ له لحمًا، ولا تَكْسِرُ عظمًا. فأخَذَه، ثم هوَى به إلى مسكنِه مِن البحر، فلمَّا انتهى به إلى أسفلِ البحرِ، سمِع يونُسُ حِسًّا، فقال في نفسِه: ما هذا؟ قال: فأوْحَى اللَّهُ إليه وهو في بطنِ الحوتِ: إن هذا تسبيحُ دوابِّ البحرِ، قال: فسبِّح وهو في بطنِ الحوتِ، فسمِعَت الملائكةُ تسبيحَه، فقالوا: يا ربَّنا، إنا نَسْمَعُ صوتًا ضعيفًا بأرضٍ غريبةٍ. قال: ذاك عبدى يونُسُ، عصاني فحبَسْتُه في بطنِ الحوتِ في البحرِ. قالوا: العبدُ الصالحُ الذي كان يَصْعَدُ إليك منه في كلِّ يومٍ وليلةٍ عملٌ صالحٌ؟ قال: نعم. قال: فشفَعوا له عندَ ذلك، فأمَر الحوتَ فقذَفه في الساحلِ، كما قال اللَّهُ ﵎: ﴿وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٥] "(١).
يقولُ تعالى ذكرُه: فاسْتَجِبْنا ليونُسَ دعاءه إيانا، إذ دَعانا في بطنِ الحوتِ، ونجَّيْناه مِن الغمِّ الذي كان فيه بحَبْسِناه في بطنِ الحوتِ، وغمِّه بخطيئتِه وذنبِه، ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وكما أنْجَيْنا يونُسَ مِن كربِ الحبسِ في بطنِ الحوتِ في البحرِ إذ دعانا، كذلك نُنْجِى المؤمنين مِن كربِهم إذا اسْتَغاثوا بنا ودَعْونا.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك جاء الأثرُ.
(١) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ١٦، وأخرجه البزار في مسنده - كشف (٢٢٥٤) - من طريق محمد بن إسحاق به.