للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيُصْلِحُ اليومَ ويُفْسِدُهْ غَدَا

وقد يفعَلون مثلَ ذلك بهاءِ التأنيثِ فيقولون: هذه طلحة قد أقبلت. كما قال الراجزُ (١):

لما رأى ألا دَعَهْ ولا شِبَعْ … مال إلى أرطاةِ حِقْفٍ فاضْطَجَعْ (٢)

وقرأه بعضُ البصريين: (أرْجِئْهُ). بالهمزِ وضمِّ الهاءِ، على لغةِ مَن ذَكَرتُ مِن قيس (٣).

وأولى القراءاتِ في ذلك بالصوابِ أشهرُها وأفصحُها في كلامِ العربِ، وذلك تركُ الهمزِ وجرِّ الهاءِ، وإن كانت الأُخرى جائزةً، غيرَ أن الذي اخترنا أفصحُ اللغات وأكثرُها على ألسُنِ فصحاءِ العربِ.

واختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿أَرْجِهْ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: أخِّرْه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، أخبرني عطاءٌ الخُراسانيُّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿أَرْجِهْ وَأَخَاهُ﴾. قال: أَخِّرْه (٤).

وقال آخرون: معناه: احبِسْه.


(١) الرجز في معاني القرآن للفراء ١/ ٣٨٨، وإصلاح المنطق ص ٩٥، وتهذيبه ١/ ١٦٧.
(٢) قال التبريزي في تهذيبه: يعنى الذئب، لما رأى أنه لا يشبع من الظبي ولا يدركه مال إلى أرطاة، والأرطى ضرب من شجر الرمل .. والحقف المعوج من الرمل.
(٣) هي قراءة ابن كثير وابن عامر في رواية هشام بالهمز وضم الهاء ووصلها بواو، وقرأ أبو عمرو بالهمز والضم من غير صلة بواو. الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٤٧٠، والتيسير ص ٩٢.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٣٣، ٨/ ٢٧٦١ (٨٧٩٠، ١٥٦٠٦) من طريق ابن جريج به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٠٦ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.