للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾. يقولُ (١): تحريمُ الشيطانِ الذي يحرِّم عليهم إنما كان الشيطانِ، ولا يعقِلون (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا قيلَ لهؤلاء الذين يَبْحرون البحائرَ، ويسيِّبون السوائبَ، الذين لا يعقِلون أنهم بإضافتِهم تحريمَ ذلك إلى اللَّهِ تعالى ذكرُه يفتَرون على اللهِ الكذبَ: تعالَوا إلى تنزيلِ اللهِ وآيِ (٣) كتابِه وإلى رسولِه؛ ليتبيَّن لكم كذب قيلكم فيما تضيفونه إلى اللهِ تعالى ذكرُه من تحريمِكم ما تحرِّمون مِن هذه الأشياء. أجابوا من دعاهم إلى ذلك بأن يقولوا: حَسْبُنا ما وجَدنا عليه آباءَنا مِن قبلِنا يعمَلون به. ويقولون: نحن لهم تبَعٌ وهم لنا أئمةٌ وقادةٌ، قد اكتفينا بما أخَذنا عنهم، ورضِينا بما كانوا عليه من تحريمٍ وتحليلٍ. قال اللهُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : أوَ (٤) لو كان آباءُ هؤلاء القائلين هذه المقالةَ ﴿لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾. يقولُ: لم يكونوا يعلَمون أن ما يُضيفونه إلى اللهِ تعالى ذكرُه من تحريمِ البحيرةِ والسائبةِ والوصيلةِ والحامِ، كذبٌ وفريةٌ على اللهِ، لا حقيقةَ لذلك ولا صحةَ؛ لأنهم كانوا عليه من أتباعَ المفترين الذين ابتدءوا تحريمَ ذلك افتراءً على اللهِ، بقيلِهم ما كانوا يقولون من إضافتِهم إلى اللهِ تعالى ذكرُه ما يُضيفون، [ولا] (٥) كانوا فيما هم به عاملون من ذلك


(١) بعده في م: "لا يعقلون".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٢٥ (٦٩١٣) من طريق يزيد به.
(٣) في ت ١، س: "إلى".
(٤) في م: "و".
(٥) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، وفى م: "ما". والمثبت ما يقتضيه السياق، والجملة معطوفة على جملة: "لم يكونوا يعلمون".