للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

وإنما سلَّى (١) اللَّهُ نبيَّه محمدًا بهذه الآيةِ (٢)، فأمَره بالصبرِ على مَن كذَّبه واسْتَكبَر على ربِّه، وأخبَره أن ذلك فِعلُ مَن قبلَه مِن سُلَّافِ الأممِ قبلَهم بأنبيائِهم، مع مُظاهرتِه عليهم الحُجَجَ، وأن مَن هو بينَ أظهُرِهم مِن اليهودِ إنما هم مِن بقايا مَن جَرَت عاداتُهم مِمن (٣) قصَّ عليه قصصَهم مِن بني إسرائيلَ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢١١)﴾.

يعني جل ثناؤُه بالنعمةِ (٤): الإسلامَ وما فرَض مِن شرائعِ دينِه، ويعني بقولِه: ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ﴾: ومَن يُغيِّرْ ما عهِد (٥) اللَّهُ في نعمتِه التي هي الإسلامُ مِن العمل به (٦) والدخولِ فيه فيَكْفرْ به، فإنه معاقبُه بما أوعَد على الكفرِ به مِن العقوبةِ، واللَّهُ شديدٌ عقابُه، أليمٌ عذابُه.

فتأويلُ الآيةِ إذن: يا أيها الذين آمنوا بالتوراةِ فصدَّقوا بها، ادْخُلوا في الإسلامِ جميعًا ودَعُوا الكفرَ، وما دعاكم إليه الشيطانُ مِن ضَلالتِه، وقد جاءتكم البيناتُ مِن عندِي بمحمدٍ، وما أظْهَرتُ على يديه لكم من الحُججِ والعِبَرِ، ولا تُبدِّلوا عهدِي إليكم فيه، وفيما جاءكم به مِن عندِي في كتابِكم بأنه نبيِّي ورسولي، فإنه مَن يبدِّلْ ذلك منكم فيُغيِّرْه، فإني له مُعاقبٌ بالأليمِ من العقُوبةِ.


(١) في م: "ينبئ".
(٢) في م: "الآيات".
(٣) في الأصل: "ثم".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بالنعم".
(٥) في م: "عاهد".
(٦) سقط من: م.