للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى جلَّ ثناؤه بقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾: إلى أن جاءتهم رسلُنا، [يقول جلَّ ثناؤُه: و] (١) هؤلاء الذين افْتَرَوْا على اللَّهِ الكذبَ، أو كذَّبوا بآياتِ ربِّهم، ينالُهم حُظوظُهم التي كتب الله لهم، وسبق في علمه لهم من رزقٍ وعملٍ وأجَلٍ وخيرٍ وشرٍ في الدنيا، إلى أن تأتيَهم رسلُنا لقبض أرواحهم، فـ ﴿إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾. يعني: ملك الموتِ وجُنْدُه، ﴿يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾. يقولُ: يَسْتَوفُونَ عَددَهم من الدنيا إلى الآخرة، ﴿قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. يقولُ: قالت الرسلُ: أين الذين كنتُم تَدْعُونهم أولياء مِن دونِ اللَّهِ وتَعْبُدونهم، هلَّا (٢) يَدْفَعون عنكم ما قد جاءكم من أمر الله الذي هو خالقُكم وخالقُهم، وما قد نزل بساحتِكم من عظيم البلاء! وهلَّا يُغيثونكم من كرب ما أنتم فيه، فيُنقذونكم منه! فأجابهم الأشْقِياءُ، فقالوا: ضَلَّ عنا أولياؤُنا الذين كنا نَدْعُو مِن دونِ اللهِ، يعنى بقوله: ﴿ضَلُّوا﴾: جاروا (٣) وأخذوا غير طريقنا، وتركونا عند حاجتنا إليهم فلم يَنْفَعونا، يقولُ اللَّهُ جلَّ ثناؤُه: وشهد القومُ حينئذٍ على أنفسهم أنهم كانوا كافرين بالله، جاحِدِين وَحْدانيته.

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾.

وهذا خبرٌ مِن الله جلَّ ثناؤه عن قيله لهؤلاء المُفْتَرِين عليه، المكذِّبين آياته يومَ القيامة. يقول تعالى ذكرُه: قال الله لهم حينَ ورَدُّوا عليه يوم القيامة: ادْخُلُوا أَيُّها المُفْتَرُون على ربِّكم، المكذِّبون رسله في جماعاتٍ مِن ضُرَبائِكُم ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "لا".
(٣) في ف: "حادوا".