للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء الأصْنافَ الثمانيةَ إلى غيرِهم. وإذ كان كذلك، بما سنُوضِحُ بعدُ، وبما قد أوضَحْناه في [مواضع أُخَر] (١)، كان معلومًا أن مَن أُعْطِى منها حقًّا، فإنما يُعْطَى على (٢) اجتهادِ المُعْطِى فيه. وإذا كان ذلك كذلك، وكان العاملُ عليها إنما يُعْطَى على عملِه، لا على الحاجةِ التي تزولُ بالعَطِيَّةِ، كان معلومًا أن الذي أُعْطاه مِن ذلك، إنما هو عِوَضٌ مِن سَعْيِه وعملِه، وأن ذلك إنما هو قَدْرُ ما (٣) يَسْتَحِقُّهُ عِوَضًا مِن عملِه الذي لا يزولُ بالعَطِيَّةِ، وإنما يزولُ بالعَزْلِ.

وأمَّا المُؤلَّفَةُ قلوبهم، فإنهم قومٌ كانوا يُتَأَلَّفون على الإسلامِ، ممن لم تَصِحَّ نُصْرَتُه؛ اسْتِصلاحًا به نفسَه وعَشيرته؛ كأبي سفيانَ بن حربٍ وعُيَيْنَةَ بن بدرٍ، والأقْرَعِ بن حابسٍ، ونُظَرائِهم مِن رؤساء القبائلِ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾: وهم قومٌ كانوا يَأْتون رسولَ اللهِ قد أسْلَموا، وكان رسولُ اللهِ يَرْضَخُ (٤) لهم مِن الصدقاتِ، فإذا أعْطاهم مِن الصدقةِ (٥) فأصابوا منها خيرًا، قالوا: هذا دِينٌ صالحٌ. وإن كان غيرَ ذلك، عابُوه وتَرَكوه (٦).


(١) في م: "موضع آخر".
(٢) بعده في م: "قدر".
(٣) سقط من: م.
(٤) يرضخ: يعطى قليلا. ينظر الوسيط (ر ض خ).
(٥) في م: "الصدقات".
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٥١ إلى المصنف وابن مردويه، وعزاه صاحب منار السبيل ١/ ٢٠٨ إلى أبي بكر ابن المنذر في تفسيره.