للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ نصبًا على النعتِ لـ "الدين"، كأَنَّه قال: يُوَفِّيهم اللهُ ثوابَ أعمالِهم حقًّا. ثم أدخل في "الحقَّ" الألفَ واللامَ، فنصَبه بما نصَب به "الدِّينَ".

وذُكِر عن مجاهدٍ أنه قرأَ ذلك: ﴿يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ برفعِ "الحقِّ" على أنه مِن نعتِ "اللَّهِ" (١).

حدَّثنا بذلك أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا يزيدُ، عن جريرِ بن حازمٍ، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ أنه قرأَها: (الحقُّ) بالرفعِ (٢). قال جريرٌ: وقرأتُها في مصحفِ أُبيِّ بن كعبٍ: (يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ [الحَقُّ دِينَهُمْ] (٣).

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندَنا ما عليه قرأةُ الأمصارِ، وهو نصبُ "الحقِّ" على إتباعِه إعرابَ "الدين"؛ لإجماعِ الحجةِ عليه.

وقولُه: ﴿وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾. يقولُ: ويعلمون يومئذٍ أن اللَّهَ هو الحقُّ الذي يُبَيِّنُ لهم حقائقَ ما كان يَعِدُهم في الدنيا مِن العذابِ، ويزولُ حينئذٍ الشكُّ فيه عن أهلِ النفاقِ الذين كانوا فيما كان يَعِدُهم في الدنيا يمترون.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: الخبيثاتُ مِن القولِ للخبيثين مِن الرجال، والخبيثون مِن الرجالِ للخبيثاتِ مِن القولِ، والطيباتُ مِن القولِ للطيبين مِن الناسِ، والطيبون مِن الناسِ للطيباتِ مِن القولِ.


(١) وهى قراءة عبد الله وأبى روق وأبى حيوة. وهى قراءة شاذة. البحر المحيط ٦/ ٤٤١.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٦ إلى المصنف.
(٣) في ص، ت ١، ف: "دينهم الحق"، والمثبت هو الصواب، ينظر مختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٠٣.