للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْهُرٍ﴾. قال: ضُرِب لهم أجلٌ أربعةُ أشهرٍ، وتَبَرَّأَ مِن كلِّ مُشْرِكٍ. ثم أمَر إذا انسَلَخَت تلك الأشهرُ الحُرُمُ؛ ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾، لا تَتْرُكُوهم يَضْرِبون في البلادِ، ولا يَخْرُجون للتجارةِ، ضَيِّقُوا عليهم، بعدَها (١) أمَر بالعَفْوِ؛ ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾. يعنى: الأربعةَ التي ضرَب اللهُ (٣) لهم أَجَلًا لأهلِ العهدِ العامِّ مِن المشركين فاقْتُلُوهُمْ ﴿حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ الآية (٤).

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه: وإن اسْتأمَنَك، يا محمدُ، من المشركين الذين أمَرْتُك بقتالِهم وقَتْلِهم بعدَ انسلاخِ الأشهرِ الحُرُمِ أحدٌ ليَسْمَعَ كلامَ اللهِ منك، وهو القرآنُ الذي أنزَله اللهُ عليه، ﴿فَأَجِرْهُ﴾. يقولُ: فأمِّنْه ﴿حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ وتَتْلُوه عليه ﴿ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾. يقولُ: ثم رُدَّه بعدَ سَماعِه كلامَ اللهِ إِنْ هو أَبَى أَن يُسْلِمَ، ولم يَتَّعِظُ بما تَلَوتَه عليه مِن كلامِ اللهِ، فيؤَمَّن إلى ﴿مَأْمَنَهُ﴾. يقولُ: إلى حيثُ يأمَنُ منك وممن في طاعتِك، حتى يَلْحَقَ بدارِه وقومِه من المشركين. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "بعدما".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٥٣ (٩٢٦٩، ٩٢٧٠) من طريق أصبغ عن ابن زيد.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ص، ف.
(٤) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٤٤، تفسير البغوي ٤/ ١٣.