للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظهِرُونَ﴾. قال: ﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾: صلاة المغرب، ﴿وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾: صلاةُ الصبح، ﴿وَعَشِيًّا﴾: صلاة العصر، ﴿وَحِينَ تُظهِرُونَ﴾: صلاةُ الظهرِ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: صَلُّوا في هذه الأوقاتِ التي أمركم بالصلاة فيها، أيها الناسُ للَّهِ الذى يُخرج الحيَّ من الميِّتِ؛ وهو الإنسان الحى من الماء الميت، ويُخْرِجُ الماء الميِّتَ من الإنسانِ الحيِّ، ﴿وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾؛ فيُنبتُها، ويُخرِجُ زَرْعَها بعدَ خرابها وجدوبها، ﴿وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾. يقولُ: كما يُحيى الأرض بعدَ موتِها، فيُخرِجُ نباتها وزَرْعَها، كذلك يُحييكم من بعد مماتكم، فيُخرِجُكم أحياءً من قبورِكم، إلى مَوْقِفِ الحسابِ.

وقد بيَّنا فيما مضى قبل تأويل قوله: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾. وذكرنا اختلاف أهلِ التأويل فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضعِ (١)، غيرَ أنا نذكُرُ بعضَ ما لم نذكُرْ من الخبرِ هنالِك إن شاءَ اللهُ.

حدَّثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾. قال: يُخْرِجُ من الإنسانِ ماءً مَيِّتًا، فيخلُقُ منه بشرًا، فذلك الميت من الحيِّ، ويُخرِج الحيَّ من الميِّت، فيعنى بذلك أنه يخلُقُ من الماء بشرًا، فذلك الحى من الميِّتِ (٢).


(١) تقدم في ٥/ ٣٠٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٢٦ (٣٣٦٣) من طريق السدى عمن حدثه عن ابن عباس بنحوه.