وأنْ يكونَ مرادًا به الحجابُ عن ذلك كلِّه، ولا دَلالةَ في الآيةِ تدلُّ على أنه مرادٌ بذلك الحجابُ عن معنًى منه دونَ معنىً، ولا خبرَ به عن رسولِ اللَّهِ ﷺ قامت حجتُه؛ فالصوابُ أن يقالَ: هم محجوبون عن رؤيتِه وعن كرامتِه. إذ كان الخبرُ عامًّا لا دلالةَ على خصوصِه.
وقولُه: ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثم إنهم لوارِدُو الجحيمِ فمَشْوِيُّون فيها،
﴿ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِى كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ثم يقالُ لهؤلاء المكذبين بيومِ الدينِ: هذا العذابُ الذي أنتم فيه اليومَ، هو العذابُ الذي كنتم في الدنيا تُخبَرون أنكم ذائِقوه فتكذِّبون به وتنكِرونه، فذوقوه الآنَ فقد صَلِيتم به.
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَار (١)﴾. والأبرارُ جمعُ بَرٍّ، وهم الذين بَرُّوا اللَّهَ بأداءِ فرائضِه واجتنابِ محارمِه. وقد كان الحسنُ يقولُ: هم الذين لا يؤذُون شيئًا حتى الذرَّ.
حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا هشامٌ، عن شيخٍ، عن الحسنِ، قال، سُئِل عن الأبرارِ، قال: الذين لا يؤذُون الذرَّ.
حدَّثنا إسحاقُ بن زيدٍ الخطابيُّ، قال: ثنا الفريابيُّ، عن السريِّ بن يحيى، عن الحسنِ، قال: الأبرارُ هم الذين لا يؤذون الذرَّ.
وقولُه: ﴿لَفِي عِلِّيِّينَ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى ﴿عِلِّيِّينَ﴾؛ فقال بعضُهم: هي السماءُ السابعةُ.