وقولُه: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾. يقولُ تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: فاصبر يا محمد لأمرِ ربِّك، وانفذ لما أرسَلك به من الرسالةِ، وبلِّغْ قومك ومَن أُمرتَ بإبلاغه ما أُنزل إليك، وأيقن بحقيقة وعد الله الذي وعدك؛ مِن نُصْرَتِكَ ونُصْرَةِ مَن صدَّقكَ وآمن بك، على مَن كذَّبك وأنكَر ما جئتَه به مِن عندِ ربِّك، إن وعد الله حقٌّ لا خُلْفَ له، وهو [منجزه لك](١)، ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾. يقولُ: وسَلْه غفران ذنبِك، وعفوه لك عنه، ﴿وَسَبَّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾. يقولُ: وصَلِّ بالشكر منك لربك، ﴿بِالْعَشِيِّ﴾، وذلك من زوال الشمس إلى الليلِ، ﴿وَالْإِبْكَارِ﴾، وذلك من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس.
وقد وَجَّه قومُ الإبكار إلى أنه من طلوع الشمسِ إلى ارتفاعِ الضُّحَى، وخُرُوجِ وقتِ الضُّحَى، والمعروف عند العرب القول الأول.
واختلف أهلُ العربية في وَجْهِ عطف الإبكارِ، والباء غيرُ حسن دخولها فيه؛ على العَشِيِّ، والباءُ تحسُنُ فيه؛ فقال بعضُ نحويى البصرة: معنى ذلك: وسبِّح بحمد ربك بالعشيِّ وفى الإبكارِ. وقال: قد يقالُ: بالدار زيدٌ. يراد: في الدارِ زيد. وقال غيره: إنما قيل ذلك كذلك؛ لأن معنى الكلام: صلِّ بالحمدِ بهذين الوقتَين، وفى هذين الوقتين. فإدخال "الباءِ" و "في" واحدٌ فيهما.
يقول تعالى ذكره: إن الذين يُخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عندِ ربِّك مين الآيات، ﴿يغيرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ﴾. يقولُ: بغيرِ حُجَّةٍ جَاءَتْهم من عندِ اللهِ