للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النارَ. فقال رسولُ اللَّهِ : "بل [نَرْفُقُ به، ونُحْسِنُ] (١) صحبتَه ما بقِي معنا". وجعَل بعد ذلك اليومِ إذا أحْدَث الحَدَثَ كان قومُه هم الذين يُعاتِبونه، ويَأْخُذونه ويُعَنِّفونه ويتوعدونه، فقال رسولُ اللَّهِ لعمرَ بنِ الخطابِ حينَ بلَغه ذلك عنهم من شأنِهم: "كيف تَرَى يا عمرُ، أمَا واللَّهِ لو قتَلْتُه يومَ أمَرْتَني بقتلِه لَأَرْعَدَت له آنُفٌ، لو أمَرْتُها اليومَ بقتلِه لقتَلَتْه". قال: فقال عمرُ: قد واللَّهِ علِمْتُ لَأَمْرُ رسولِ اللَّهِ أعظمُ بركةً مِن أمري (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يا أيُّها الذين صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه ﴿لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ﴾. يقولُ: لا تُوجِبْ لكم أموالُكم ولا أولادُكم اللهوَ عن ذِكْرِ اللَّهِ، وهو مِن: أَلْهَيْتُه عن كذا وكذا، فلَهَا هو يَلْهُو لَهْوًا، ومنه قولُ امرِئِ القيسِ (٣):

ومِثْلِكِ حُبْلَى قد طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ … فأَلْهَيْتُها عن ذي تَمائمَ مُحْوِلٍ

وقيل: عُنِي بذكرِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه في هذا الموضعِ الصلواتُ الخمسُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن أبي سِنانٍ، عن ثابتٍ، عن الضحاكِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾. قال:


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "ترفق به وأحسن".
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٢٩٢، ٢٩٣.
(٣) تقدم تخريجه في ١٦/ ٤٥٦.