للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا وإن كان كذلك في المعنى، فليس بعلَّةٍ تُنْبئُ عن جوازِ إخراجِ ما قد جرَى الكلامُ مستعملًا مستفيضًا على ألسنِ العربِ لاثْنَيْه بمثالٍ وصورةٍ، غيرِ مثالِ ثلاثةٍ فصاعدًا منه وصورتِها؛ لأن مَن قال: أخواك قاما. فلا شكَّ أنه قد علِم أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الأخوين فردٌ، ضُمَّ أحدُهما إلى الآخرِ فصارا جميعًا، بعد أن كانا شتَّى. [غيرَ أن] (١) الأمرَ، وإن كان كذلك فلا تَسْتَجِيزُ العربُ في كلامِها أن يقالَ: أخواك قاموا. فيَخْرُجُ قولُهم: "قاموا"، وهو لفظٌ للخبر عن الجميعِ خبرًا عن الأخوينِ، وهما بلفظِ الاثنين، لأن لكلِّ ما قد جرَى به الكلامُ على [ألسنتِهم معروفًا عندهم بمثالٍ] (٢) وصورةٍ إذا غيَّره مغيِّرٌ عمَّا قد عرَفوه فيهم نَكِروه، فكذلك الأخوان، وإن كانا مجموعين ضُمَّ أحدُهما إلى صاحبِه، فلهما مثالٌ في المنطقِ وصورةٌ غيرُ مثالِ الثلاثةِ منهم فصاعدًا وصورتِهم، فغيرُ جائزٍ أن أن يُغَيَّرَ أحدُهما إلى الآخرِ إلا بمعنًى مفهومٍ، وإذ كان ذلك كذلك، فلا قولَ أوْلى بالصحةِ مما قلنا قبلُ.

فإن قال قائلٌ: ولم نُقِصتِ الأمُّ عن ثلثِها بمصيرِ إخوةِ الميتِ معَها؛ اثنين فصاعدًا؟ قيل: اخْتَلفتِ العلماءُ في ذلك؛ فقال بعضُهم: نُقصتِ الأمُّ عن ذلك [وورثه الأبُ] (٣)؛ لأن على الأبِ مُؤَنَهم دون أمِّهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ


(١) في النسخ: "عنوان". وهو تحريف. والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٢) في م: "مثالًا معروفًا عندهم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وردته الأم"، وفى م: "دون الأب". والمثبت هو الصواب.