للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضُ أهلُ العربية يقولُ (١): لا أعْرِفُ وجهَ "لمَّا" بالتشديدِ.

والصواب من القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان مشهورتان، متقارِبَتا المعنى، فبأيِتهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: ودلالةٌ لهؤلاء المشركين على قدرةِ اللهِ على ما يشاءُ، وعلى إحيائِه من مات من خلقِه، وإعادتِه بعدَ فَنائِه كهيئتِه قبلَ مماتِه - إحياؤُه الأرضَ الميْتةَ التي لا نَبْتَ فيها ولا زرعَ، بالغيثِ الذي يُنْزِلُه من السماءِ، حتى يُخْرج زرعَها، ثم إخراجُه منها الحبَّ، الذي هو قوتٌ لهم وغذاءٌ، فمنه يأكلون.

وقولُه: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وجعَلنا في هذه الأرضِ التي أحْييناها بعدَ موتها، بساتينَ من نخيلٍ وأعنابٍ، ﴿وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ﴾. يقولُ: وأنْبَعنا فيها من عيونِ الماءِ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقول تعالى ذكرُه: أنشأنا هذه الجناتِ في هذه الأرضِ؛ ليَأْكُل عبادى من ثمرِه (وَمَا عَمِلَتْ (٢) أَيْدِيهِمْ). يقولُ: ليَأْكُلوا من ثمرِ


(١) ذكر الفراء في معاني القرآن ٢/ ٣٧٧ هذا القول ونسبه للكسائي.
(٢) في ت ١، ت ٢: "عملته". وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم: (وما عملت) بغير الهاء - =