للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: سمعتُ مُعْتَمِرَ بنَ سليمانَ التَّيْمِيَّ يقولُ: رَكِبتُ البحرَ، فأصابَنا ريحٌ شديدةٌ، فنَذَرَ قومٌ منَّا نُذُورًا، ونَوَيتُ أنا لم أتَكَلَّمْ به، فلما قَدِمتُ البصرةَ سألتُ أبى سليمانَ، فقال لي يا بُنَيَّ: فِ (١) به.

قال مُعْتَمِرٌ: وثنا كَهْمَسٌ، عن سعيدِ بن ثابتٍ، قال: قولُه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ﴾ الآية. قال: إنما هو شيءٌ نَوَوْه في أنفسِهم ولم يَتَكَلَّموا به، ألم تَسْمَعْ إلى قولِه: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾؟

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٧٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ألم يَعْلَمْ هؤلاء المُنافِقون الذين يَكْفُرون باللهِ ورسولِه سِرًّا، ويُظْهِرون الإيمانَ بهما لأهلِ الإيمانِ بهما جَهْرًا، ﴿أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ﴾ الذي يُسِرُّونه في أنفسِهم مِن الكفرِ به وبرسولِه، ﴿وَنَجْوَاهُمْ﴾. يقولُ: ونَجْواهم إذا تَناجَوا بينَهم بالطعنِ في الإسلامِ وأهلِه، وذِكْرِهم بغيرِ ما يَنْبَغِى أَن يُذْكَروا به - فيَحْذَروا مِن اللهِ عقوبتَه أن يُحِلُّها بهم، وسَطُوتَه أن يُوقِعَها بهم، على كفرِهم باللهِ وبرسولِه، وغِشِّهم (٢) للإسلامِ وأهلِه، فيَنْزِعوا عن ذلك، ويَتُوبوا منه، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾. يقولُ: ألم يَعْلَموا أن الله عَلَّامُ ما غَابَ عن أسماعِ خلقِه


(١) في م: "فه" بهاء السكت، وقد ذهب البصريون إلى أن ثبوتها في الوصل - مكسورة أو مضمومة - ضرورة، والكوفيون إلى الجواز. ينظر خزانة الأدب ١١/ ٤٥٧.
(٢) في م: "عيبهم".