للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالجِلْسةِ، مِن قولِه: جلَس. أو القِعدةِ، مِن قولِه: قعَد.

ومعنى قولِهم: خطَب فلانٌ فلانةَ. سأَلها خَطْبَه إلَيها في نفسِها، وذلك حاجتُه، من قولِهم: ما خطْبُك؟ بمعنى ما حاجتُك، وما أمرُك؟.

وأما التَّعْريضُ فهو ما كان مِن لَحْنِ الكلامِ الذي يَفْهَمُ به السامعُ الفَهِمُ ما يُفْهَمُ بصريحِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ﴾: أو أخْفَيْتُم (١) في أنفسِكم فأسْرَرْتُموه مِن خِطْبتِهِن وعَزْمِ نِكاحِهن وهن في عِدَدِهن، فلا جُناحَ عليكم أيضًا في ذلك، إذا لما تَعْزِموا عُقْدةَ النكاحِ حتى يَبْلُغَ الكتابُ أجلَه.

يقالُ منه: أَكَنَّ فلانٌ هذا الأمرَ في نفسِه، فهو يُكِنُّه إكْنانًا، وكنَّه، إذا ستَرَه، يَكُنُّه كَنًّا وكُنونًا، وجلَس في الكِنِّ. ولم يُسْمَعْ: كَنَنْتُه في نفسِي. وإنما يقالُ: كَنَنْتُه في البيتِ، أو في الأرضِ. إذا خبَّأْتَه فيه. ومنه قولُه تعالى ذكرُه: ﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ [الصافات: ٤٩]. أي: مَخْبوءٌ. ومنه قولُ الشاعرِ (٢):

ثلاثٌ مِن ثلاثِ قُدَامَيَاتٍ (٣) … من اللَّائي تَكُنُّ من الصَّقيعِ

وتُكِنُّ، بالتاءِ المضمومةِ (٤)، وهو أجودُ، و"تَكُنُّ".

ويُقالُ: أكَنَّتْه ثيابُه مِن البردِ، وأكَنَّه البيتُ مِن الرِّيحِ.


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "أحببتم".
(٢) معاني القرآن للفراء ١/ ١٥٢، واللسان (ك ن ن).
(٣) قداميات: يعني بها قوادم ريش الطير، وهي أربع ريشات في مُقَدَّم الجناح. اللسان (ق د م).
(٤) زيادة يقتضيها السياق. وينظر معاني القرآن ١/ ١٥٣.