للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبينٍ؛ أيُّ يومٍ هو؟ ومتى هو؟ وفى معنى الدُّخانِ الذي ذكُر في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: ذلك حينَ دعا رسولُ اللهِ على قريشٍ ربَّه أن يأخذَهم بسنين كسِنى يوسفَ، فأُخِذوا بالمجاعة. قالوا: وعُنى بالدُّخانِ ما كان يُصيبُهم حينَئذٍ في أبصارِهم من شدَّةِ الجوعِ؛ مِن الظُلمةِ كهيئةِ الدُّخانِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عيسى بن عثمانَ بن عيسى الرَّمْليُّ، قال: ثنا يحيى بنُ عيسى، عن الأعمشِ، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قال: دخَلْنا المسجدَ، فإذا رجلٌ يقُصُّ على أصحابِه ويقولُ: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾. تدرون ما ذلك الدُّخانُ؟ ذلك دُخانٌ يأتى يومَ القيامةِ، فيأخُذُ بأسماعِ المنافقين وأبصارِهم، ويأخُذُ المؤمنين منه شِبهُ الزُّكامِ. قال: فأَتيْنا ابنَ مسعودٍ، فذكَرْنا ذلك له، وكان مُضْطَجِعًا، ففزِع فقعَد، فقال: إن الله قال لنبيِّكم: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [ص: ٨٦]. إن من العِلم أن يقولَ الرجلُ لما لا يعلَمُ: اللهُ أعلمُ. سأحدِّثُكم عن ذلك؛ إن قريشًا لما أبطأَت عن الإسلامِ، واستعصَتْ على رسولِ اللهِ، دعا عليهم بسنين كسِنى يوسفَ، فأصابهم من الجَهْد والجوع حتى أكَلوا العظامَ والميتةَ، وجعَلوا يرفعون أبصارَهم إلى السماءِ، فلا يَرَوْن إِلا الدُّخَانَ، قال اللهُ : ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. فقالوا: ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾. قال اللَّهُ: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ [الدخان: ١٥، ١٦]. قال: فعادوا يومَ بدرٍ، فانتقَم اللهُ منهم (١).


(١) أخرجه الطيالسي (٢٩١، ٢٩٢)، والحميدى (١١٦)، وأحمد ٧/ ١٧٩ (٤١٠٤)، والبخارى (٤٨٢٢ - ٤٨٢٣)، ومسلم (٢٧٩٨/ ٤٠)، والطحاوى في مشكل الآثار (٩٦٣)، والطبراني في الكبير (٩٠٤٦)، والبيهقى في الدلائل،٢/ ٣٢٤، ٣٢٥، والبغوى في تفسيره ٧/ ٢٢٩ من طريق الأعمش به.