للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾.

يعنى بقولِه: ﴿وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾. أى: إذا خلا بعضُ هؤلاء اليهودِ الذين وصَف اللهُ صفتَهم - إلى بعضٍ منهم، فصاروا في خَلاءٍ مِن الناسِ غيرِهم، وذلك هو الموضعُ الذى ليس فيه غيرُهم، ﴿قَالُوا﴾ يعنى قال بعضُهم لبعضٍ: ﴿أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾.

ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾؛ فقال بعضُهم بما حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، عن بشرِ بنِ عُمارةَ، عن أبى رَوْقٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ﴾. يعنى: بما أمَركم اللهُ به. فيقولُ الآخَرون: إنما نَسْتَهْزِئُ بهم ونَضْحَكُ.

وقال آخَرون بما حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ أبى محمدٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا﴾. أى: بصاحبِكم (١) رسولِ اللهِ، ولكنَّه إليكم خاصَّةً. وإذا خلا بعضُهم إلى بعضٍ قالوا: لا تُحَدِّثوا العربَ بهذا، فإنكم قد كنتُم تَسْتَفْتِحون به عليهم فكان منهم. فأنْزَل اللهُ: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾. أى: تُقِرُّون بأنه نبىٌّ، وقد علِمْتُم أنه قد أُخِذ له الميثاقُ عليكم باتِّباعِه، وهو يُخْبِرُهم أنه النبىُّ (٢) الذى كُنَّا نَنْتَظِرُ ونَجِدُه في كتابِنا، اجْحَدُوه ولا تُقِرُّوا لهم به. يقولُ اللهُ:


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "صاحبكم".
(٢) بعده فى النسخ: "ﷺ". ولا موضع لها هنا.