للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُدَّيِّ: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾. يقولُ: ما ينبغى لنا أن نعودَ في شركِكم بعدَ إذ نجّانا اللهُ منها، إلَّا أن يشاءَ اللَّهُ ربُّنا، فاللَّهُ لا يشاءُ الشركَ، ولكن يقولُ: إلَّا أن يكونَ اللهُ قد علِم شيئا، فإنَّه وسع كلَّ شيءٍ عِلْمًا (١).

وقولُه: ﴿عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا﴾. يقولُ: على اللهِ نعتمِدُ في أمرِنا (٢)، وإليه نَسْتَنِدُ فيما تَعِدوننا به مِن شرِّكم (٣) أيها القومُ، فإنَّه الكافي مَن تَوَكَّل عليه.

ثم إنه فزِع صلى اللهُ عليه إلى ربِّه ﷿ بالدعاءِ على قومِه، إذ أَيِس مِن فَلاحِهم، وانقطع رجاؤُه مِن إِذْعانِهم للهِ بالطاعةِ والإقرارِ له بالرِّسالة، وخافَ على نفسِه وعلى مَن تَبِعَهُ مِن مُؤْمِنى قَوْمِهِ مِن فَسَقَتِهم العطبَ والهلكةَ - بتعجيلِ النقمةِ، فقال: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾. يقولُ: احْكُم بينَنا وبينَهم بحُكْمِكَ الحقِّ الذي لا جورَ فيه ولا حَيْفَ ولا ظلمَ، ولكنَّه عدلٌ وحقٌّ، ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾. يعني: خيُر الحاكمين.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٢٣ (٨٧٢٩ - ٨٧٣١) من طريق أحمد به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٠٣ إلى أبى الشيخ.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "أمورنا".
(٣) في م: "شرككم"، وفى ف: "شركهم".