للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنجيلُ أحبارٍ (١) وَحَى مُنَمْنِمُهُ (٢)

القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾.

يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾: وما كنت يا محمدُ عندَهم فتَعْلَمَ ما نُعَلِّمُكَه مِن أخبارِهم التي لم تَشْهَدْها، ولكنك إنما تُعَلَّمُ ذلك فتُدْرِكُ معرفتَه بتعريفِناكَه.

ومعنى قوله: ﴿لَدَيْهِمْ﴾: عندَهم.

ومعنى قوله: ﴿إِذْ يُلْقُونَ﴾: حينَ يُلْقون أقلامهم.

وأمَّا "أقلامهم" فسهامُهم التي اسْتَهَم بها المستهِمون مِن بني إسرائيلَ على كَفالةِ مريمَ، على ما قد بيَّنَّا قبلُ في قولِه: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ (٣) [آل عمران: ٣٧].

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا هشامٌ، عن (٤) عمرٍو، عن (٥) سعيدٍ، عن قتادة في قوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾. يعني محمدًا (٦).

حدَّثني محمد بنُ عَمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهد: ﴿يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ﴾: زكريا وأصحابُه اسْتَهَموا بأقلامِهم


(١) في ص، س: "توراة".
(٢) النَّمْنَمَة: خطوط متقاربة قصار شبه ما تُنَمْنِم الريح دُقاق التراب، وكتاب مُنَمْنَم: مُنَقَّش. اللسان (ن م م).
(٣) تقدم في ص ٣٤٥، ٣٤٦.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بن". وسيأتي على الصواب في ٥/ ٣١٨، ٩/ ١٨١، ١١/ ٨٠.
(٥) في س: "بن".
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٤ إلى المصنف.