للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولَه: ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾. يقولُ: يا وَيْلًا للعبادِ (١).

وكان بعضُ أهلُ العربيةِ يقولُ (٢): معنى ذلك: يا لها حسرةً على العبادِ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٣٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: ألم يَرَ هؤلاء المشركون باللهِ من قومِك يا محمدُ كم أهلَكنا قبلَهم بتكذيبِهم رسلَنا، وكفرِهم بآياتِنا من القرونِ الخاليةِ: ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾. يقولُ: ألم يَرَوا أنهم إليهم لا يَرْجِعون.

وبنحوِ الذي قلنا الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾. قال: عادًا، وثمودَ، وقرونًا بينَ ذلك كثيرًا (٣).

و "كم" من قوله: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ في موضعِ نصبٍ، إن شئتَ بوقوعِ "يروا" عليها - وقد ذُكِر أن ذلك في قراءة عبدِ اللهِ: (أَلَمْ يَرَوْا مَنْ أَهْلَكْنا) - وإن شئتَ بوقوعِ "أهلكنا" عليها، وأما "أنهم" فإن الألفَ منها فُتِحت بوقوعِ "يروا" عليها، وذُكر عن بعضهم أنه كسر الألفَ منها على وجه الاستئناف بها، وتَرْكِ إعمالِ "يروا" فيها.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في الإتقان ٢/ ٣٨ من طريق أبي صالح به، وذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٥٦٠ عن علي بن أبي طلحة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٦٢ إلى ابن المنذر.
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ٣٧٥.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٦٣ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.