للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بناجٍ مِن عقابِك أحدٌ إلا برحمتِك إياه دونَ عملِه، وليست أعمالُنا مُنْجِيتَنا إن أنت لم تَرْحَمْنَا فوفِّقْنا لما يُرْضِيك عنا.

كما حدَّثني يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَارْحَمْنَا﴾. قال: يقولُ: لا تَنالُ العملَ بما أَمَرْتَنا به، ولا نَتْرُكُ ما نهَيْتَنا عنه إلا برحمتِك. قال: ولم يَنْجُ أحدٌ إلا برحمتِك (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٨٦)﴾.

يعنى بقوله جلَّ ثناؤُه: ﴿أَنْتَ مَوْلَانَا﴾: أنت وليُّنا تَلِينا بنصرِك دونَ مَن عاداك وكفَر بك؛ لأنا مؤمنون بك ومُطِيعوك فيما أمَرْتَنَا ونَهَيْتَنا، فأنت وليُّ مَن أطاعك، وعدُوُّ مَن كفَر بك فعَصَاك ﴿فَانْصُرْنَا﴾؛ لأنا حِزْبُكَ ﴿عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ الذين جحَدوا وحدانيتَك، وعبَدوا الآلهةَ والأنْدادَ دونَك، وأطاعوا في معصيتِك الشيطانَ.

والمَوْلَى في هذا الموضعِ "المَفْعَلُ"، مِن: ولِى فلانٌ أمرَ فلانٍ، فهو يَلِيه ولايةً، وهو وليُّه ومولاه. وإنما صارَت الياءُ مِن "مولى" ألفًا لانفتاحِ اللامِ قبلَها التي هي عينُ الاسمِ.

وقد ذُكِر أن الله جلَّ ثناؤُه لما أَنْزَل هذه الآيةَ على رسولِه فتلاها رسولُ اللهِ ، استَجاب اللهُ له في ذلك كلِّه.

ذكرُ الأخبارِ التي جاءَت بذلك

حدَّثني المثنى بنُ إبراهيمَ ومحمدُ بنُ خلفٍ العسقلانيُّ، قالا: ثنا آدمُ العسقلانيُّ، قال: ثنا وَرْقاءُ، عن عطاءِ بن السائبِ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ، عن ابن


(١) تقدم أوله في ص ١٦٤.