للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن قتادةَ: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾: إنما نَسْتهزِئُ بهؤلاء القومِ ونَسْخَرُ بهم (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ الحجَّاجِ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ أي: نَسْتَهزِئُ بأصحابِ محمدٍ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾.

قال أبو جَعفرٍ: اخْتُلِف في صفةِ استهزاءِ اللهِ تعالى ذكرُه الذي ذكَر أنه فاعلُه بالمنافقين الذين وصَف صفتَهم؛ فقال بعضهم: استهزاؤُه بهم كالذي أخْبرنا تبارك اسمُه أنه فاعلٌ بهم يومَ القيامةِ في قولِه تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الحديد: ١٣، ١٤] الآية. وكالذي أخبرنا أنه فعَل بالكفارِ بقولِه: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾ [آل عمران: ١٧٨]. فهذا وما أشْبهه من استهزاءِ اللهِ تعالى ذكرُه وسخريتِه ومكرِه وخديعتِه للمنافقين وأهلِ الشركِ به، عندَ قائلي هذا القولِ ومتأوِّلي هذا التأويلِ.

وقال آخرون: بل استهزاؤُه بهم توبيخُه إياهم، ولومُه لهم على ما ركِبوا من معاصيه (٣)


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٨ عقب الأثر (١٤٢) معلقا. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣١ إلى عبد بن حميد. وهو تتمة الأثر السابق في ص ٣٠٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٨ عقب الأثر (١٤٢) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٣) في م: "معاصى الله".