للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا أيضًا أمْرٌ من الله جلَّ ثناؤُه نبيَّه (١) أن يقوله للمشركين، يقول (٢) تعالى: قلْ لَهم: إن الله نصيري وظهيري، والذين تَدعون أنتم أيها المشركون من دونِ الله من الآلهة، لا يستطيعونَ نصْرَكُم، ولا هم مع عجزهم عن نُصرتِكُم يقدرون على نصرة أنفسهم، فأى هذين أولى بالعبادة، وأحقُّ بالألوهةِ، أَمَنْ يَنصرُ وليَّه ويمنعُ نفسه ممن أرادَه، أم من لا يستطيعُ نصر وليه ويعجز عن منع نفسه ممن أرادَه وبَغاه بمكروهٍ؟!

القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (١٩٨)﴾.

يقول جل ثناؤه لنبيه محمد : قل للمشركين: وإن تدعُوا أيها المشركون آلهتكم إلى الهدَى، وهو الاستقامة إلى السداد، ﴿لَا يَسْمَعُوا﴾. يقولُ: لا يَسمَعُوا دعاءَكم، ﴿وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾. وهذا خطابٌ من الله لنبيِّه ، يقولُ: وترى يا محمدُ آلهتهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون، ولذلكَ وحَّدَ، ولو كان أمر النبي بخطابِ المشركين لقال: وترونهم ينظرونَ إليكم.

وقد رُوى عن السديِّ في ذلك ما حدثني محمد بن الحسينِ، قال: ثنا أحمد بن المفضَّلِ، قال: ثنا أسباط، عن السدى: ﴿وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾. قال: هؤلاء المشركون (٣).

وقد يحتمل قول السُّديِّ هذا أن يكون أراد بقوله: هؤلاء المشركون - قول الله


(١) في م، ت ٢: "لنبيه".
(٢) في م، ت ١، ف: "بقوله".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٣٧ من طريق أحمد بن مفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٥٣ إلى أبي الشيخ.