للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقُدْرتِنا على ما نشاءُ. وقيلَ: ﴿آيَةً﴾. ولم يَقُلْ: "آيتَين". وقد ذكَر آيتين؛ لأن معنى الكلامِ: جعلْناهما عَلَمًا لنا وحُجَّةً. فكلُّ واحدةٍ منهما في معنى الدَّلالة على اللَّهِ، وعلى عظيمِ قُدرتِه، يقومُ مَقامَ الآخَرِ؛ إذ (١) كان أمرُهما في الدَّلالةِ على اللَّهِ واحدًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن هذه مِلَّتكم مِلَّةً واحدةً، وأنا ربُّكم أيها الناسُ فاعْبُدونِ دونَ الآلهةِ والأَوثانِ وسائرِ ما تَعْبُدونَ مِن دوني.

وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. يقولُ: دينُكم دينٌ واحدٌ (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قال مجاهدٌ في قولِه: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. قال: دينُكم دينٌ واحدٌ (٢).

ونُصِبَتِ ﴿أُمَّةً﴾ الثانيةُ على القَطْعِ. وبالنصبِ قرأَه جماعةُ قرأةِ الأمصارِ، وهو الصوابُ عندَنا؛ لأن ﴿أُمَّةً﴾ الثانيةَ نكرةٌ، والأُولَى مَعْرِفةٌ. وإذ كان ذلك


(١) في م، ف: "إذا".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٥ إلى المصنف.