للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعَذِّبْكم الله عاجلًا في الدنيا بترككم النَّفْرَ إليهم عذابًا مُوجِعًا، ﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾. يقولُ: يَسْتبدِلِ اللهُ بكم نبيَّه قومًا غيركم، يَنْفِرون إذا اسْتُنْفِروا، ويُجيبونه إذا دُعُوا، ويُطيعون الله ورسوله، ﴿وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾. يقولُ: ولا تَضُرُّوا الله بترككم النَّفير ومَعْصيتكم إياه شيئًا؛ لأنه لا حاجة به إليكم، بل أنتم أهل الحاجة إليه، وهو الغني عنكم وأنتم الفقراء، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. يقول جل ثناؤه: والله على إهلاككم واستبدال قوم غيركم بكم، وعلى كل ما يشاءُ من الأشياء قدير.

وقد ذُكر أن العذاب الأليم في هذا الموضع كان احْتباسَ القَطْرِ عنهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا زيدُ بنُ الحُبابِ، قال: ثنى عبد المؤمن بن خالد الحنفى، قال: ثنى نَجدَةُ الخُراسانى، قال: سَمِعتُ ابن عباس وسُئِل عن قوله: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. قال: إن رسول الله اسْتَنْفَر حَيًّا مِن أحياءِ العرب فَتَثاقلوا عنه، فأُمْسِكَ عنهم المَطَرُ، فكان ذلك عذابهم، فذلك قوله: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ (١).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضحٍ، قال: ثنا عبد المؤمن، عن نجدة، قال: سألتُ ابن عباس. فذكر نحوه، إلا أنه قال: فكان عذابهم أن أمسك عنهم المَطَرُ.

حدثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادةَ: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا


(١) أخرجه عبد بن حميد (٦٨٠)، وأبو داود (٢٥٠٦)، وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٩٧، والحاكم ٢/ ١١٨، والبيهقى ٩/ ٤٨ من طريق زيد بن الحباب به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣٩ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه.