يقولُ تعالى ذكرُه: مثَلُ الذين أُوتوا التوراةَ مِن اليهودِ والنصارى، فحُمِّلوا العملَ بها ﴿ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾. يقولُ: ثم لم يَعْملوا بما فيها، وكذَّبوا بمحمدٍ ﷺ، وقد أُمِروا بالإيمانِ به فيها، واتِّباعِه والتصديقِ به، ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾. يقولُ: كمثَلِ الحمارِ يحمِلُ على ظَهْرِه كتبًا مِن كتبِ العلمِ لا يَنتفِعُ بها، ولا يَعْقِلُ ما فيها، فكذلك الذين أُوتوا التوراةَ التي فيها بيانُ أمرِ محمدٍ ﷺ، مثلُهم إذا لم يَنْتَفِعوا بما فيها كمثَلِ الحمارِ الذي يحمِلُ أسفارًا فيها عِلْمٌ، فهو لا يَعْقِلُها ولا يَنْتَفِعُ بها.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾. قال: يَحْمِلُ كتبًا لا يَدْري ما فيها، ولا يَعْقِلُها (١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾. قال: يحمِلُ كتابًا لا يَدْري ماذا عليه، ولا ماذا فيه.
(١) تفسير مجاهد ص ٦٥٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢١٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.