للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ: واللهِ آخِرُ أُمور الخلق. يعنى: أن إليه مصيرَها في الثواب عليها والعقاب في الدارِ الآخرة.

وبنحو الذي قلنا فى تأويل ذلك قال أهلُ التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسينُ الأشْيبُ، قال: ثنا أبو جعفرٍ عيسى بنُ ماهانَ الذي يقالُ له: الرازىُّ. عن الربيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾. قال: كان أمْرُهم بالمعروف أنهم دَعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريكَ له، ونهيُهم عن المنكر أنهم نَهَوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان. قال: فمن دعا إلى الله من الناس كلِّهم فقد أمَر بالمعروف، ومن نهَى عن عبادة الأوثانِ وعبادة الشيطان فقد نهَى عن المنكر (١).

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٤٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مسلِّيًا نبيَّه محمدًا عما ينالُه مِن أذَى المشركين باللهِ، وحاضًا له على الصبر على ما يَلحقُه منهم من السبِّ والتَّكذيب: وإن يكذِّبُك يا محمدُ هؤلاء المشركون بالله على ما أتيتهم به مِن الحقِّ والبرهان، وما تعدُهم به من العذاب على كفرهم بالله - فذلك سُنَّةُ إخوانهم من الأمم الحالية المكذِّبة رسل الله، المشركةِ باللهِ، ومنهاجُهم من قبلهم، فلا يَصُدَّنَّك ذلك، فإنَّ العذاب المهينَ مِن


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٦٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.