يقولُ: واللهِ آخِرُ أُمور الخلق. يعنى: أن إليه مصيرَها في الثواب عليها والعقاب في الدارِ الآخرة.
وبنحو الذي قلنا فى تأويل ذلك قال أهلُ التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسينُ الأشْيبُ، قال: ثنا أبو جعفرٍ عيسى بنُ ماهانَ الذي يقالُ له: الرازىُّ. عن الربيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾. قال: كان أمْرُهم بالمعروف أنهم دَعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريكَ له، ونهيُهم عن المنكر أنهم نَهَوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان. قال: فمن دعا إلى الله من الناس كلِّهم فقد أمَر بالمعروف، ومن نهَى عن عبادة الأوثانِ وعبادة الشيطان فقد نهَى عن المنكر (١).
يقولُ تعالى ذكرُه مسلِّيًا نبيَّه محمدًا ﷺ عما ينالُه مِن أذَى المشركين باللهِ، وحاضًا له على الصبر على ما يَلحقُه منهم من السبِّ والتَّكذيب: وإن يكذِّبُك يا محمدُ هؤلاء المشركون بالله على ما أتيتهم به مِن الحقِّ والبرهان، وما تعدُهم به من العذاب على كفرهم بالله - فذلك سُنَّةُ إخوانهم من الأمم الحالية المكذِّبة رسل الله، المشركةِ باللهِ، ومنهاجُهم من قبلهم، فلا يَصُدَّنَّك ذلك، فإنَّ العذاب المهينَ مِن
(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٣٦٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.