يعنى تعالى ذكرُه بذلك أن المُلْكَ للهِ وبيدِه دونَ غيرِه، يؤتيه. يقولُ: يؤْتِي ذلك من يشاءُ، فيَضَعُه عندَه، ويَخُصُّه به، ويمنَحُه مَن أحبَّ من خلقِه. يقولُ: فلا تَسْتَنكِروا يا معشرَ الملأ من بنى إسرائيلَ أن يبعَثَ اللهُ طالوتَ مَلِكًا عليكم، وإن لم يكنْ من أهلِ بيتِ المملكةِ، فإن المُلْكَ ليس بميراثٍ عن الآباءِ والأسْلافِ، ولكنه بيَدِ اللهِ، يُعطِيه مَن يشاءُ من خلقِه، فلا تتخيَّروا على اللهِ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ، قال: حدَّثني ابن إسحاقَ، قال: حدَّثني بعضُ أهلِ العلمِ، عن وهبِ بن مُنَبِّهٍ: ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ﴾: المُلْكُ بيَدِ اللهِ يَضَعُه حيثُ يشاءُ، ليس لكم أن تختاروا فيه.
حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حجاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: مُلْكُه سلطانُه.
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ﴾: سلطانَه (١).
وأما قولُه: ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾. فإنه يعنى بذلك: واللهُ واسعٌ بفضلِه،
(١) تفسير مجاهد ص ٢٤٢، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٦٧ (٢٤٦٤).