للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفقتِه، مُبْتَغِيًا ما عندَ اللَّهِ، وذلك هو القرضُ الحسنُ.

[وقولُه: ﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾] (١). يقولُ: فيُضاعِفَ له ربُّه قرضَه ذلك الذي أقرَضه، بإنفاقِه في سبيلِه، فيَجْعَلَ له بالواحدةِ سبعَمائةٍ.

وكان بعضُ نحويِّي البصرةِ يقولُ في قولِه: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾. فهو كقولِ العربِ: لي عندَك قرضُ صدقٍ، وقرضُ سوءٍ. إذا فعَل به خيرًا، وأنشَد في ذلك بيتًا للشنْفَرَى (٢):

سَنَجْزِي سَلَامانَ بنَ مُفْرِجَ قَرْضَها … بما قَدَّمت أيديهِمْ فأزلَّتِ

﴿وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾. يقولُ: وله ثوابٌ وجزاءٌ كريمٌ. يعني بذلك الأجرِ الجنةَ. وقد ذكَرنا الروايةَ عن أهلِ التأويلِ في ذلك فيما مضَى بما أغنَى عن إعادتِه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: يومَ ترى المؤمنين والمؤمناتِ يُضِيءُ نورُهم بينَ أيديهم وبأيمانِهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ الآية: ذُكِر لنا أن نبيَّ اللَّهِ كان يقولُ: "من المؤمنين مَن


(١) سقط من: م.
(٢) البيت في المفضليات ص ١١٢.
(٣) ينظر ما تقدم في ١٤/ ٥١١، ١٦/ ٦٠٠، ١٧/ ٢٣٩، ١٩/ ٢١٢.