للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾. قال: ما ندرِى (١)، كتابا كتبه لهم، أو إشارةً أشارها! والله أعلم. قال: أمرهم أن سَبِّحوا بكرةً وعشيًّا، وهو لا يكلمهم.

وقوله: ﴿أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾. قد بيَّنتُ فيما مضى الوجوهَ التي ينصرفُ فيها التسبيحُ (٢)، وقد يجوز في هذا الموضع أن يكون عنى به التسبيح الذي هو ذكرُ اللهِ، فيكونَ أمَرهم بالفراغ لذكر الله في طرَفَي النهارِ بالتسبيحِ، ويجوز أن يكونَ عَنَى به الصلاةَ، فيكون أمَرهم بالصلاة في هذين الوقتين.

وكان قتادة يقولُ في ذلك ما حدَّثنا به الحسنُ بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ عن قتادة في قوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾. قال: أومَى إليهم أن صلُّوا بُكرة وعشيًّا (٣).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣)﴾.

يقول تعالى ذكره: فوُلِد لزكريا يحيى. فلما وُلِد قال الله له: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾. يعنى كتابَ اللهِ الذى أنزله على موسى وهو التوراة، ﴿بِقُوَّةٍ﴾. يقولُ: بجِدٍّ.

كما حدَّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادةَ، في قوله: ﴿خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾. قال: بجدٍّ (٤).

حدَّثني محمد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى


(١) في م: "أدرى".
(٢) تقدم في ١/ ٥٠٤ وما بعدها.
(٣) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٤، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٩/ ٥٢.
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ٤٧، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٣٠ (٦٥٨) عن الحسن به.