للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾. يقولُ: قالوا: إنكم إذن لمغبونون حظوظَكم من الشرفِ والرفعةِ في الدنيا؛ باتباعِكم إياه.

قولُه: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا﴾ الآية. يقولُ تعالى ذِكرُه: قالوا لهم: أيعدُكم صالحٌ ﴿أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا﴾ في قبورِكم، ﴿وَعِظَامًا﴾ قد ذهَبت لحومُ أجسادِكم، وتفتَّتت (١) عظامُها، ﴿أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ من قبورِكم أحياءً، كما كنتم قبلَ مماتِكم؟

وأُعيدَت ﴿أَنَّكُمْ﴾ مرّتين -والمعنى: أيعدُكم (٢) أنكم إذا مِتُّم وكنتم ترابًا وعظامًا، مخرجون. مرّةً واحدةً- لمّا فرّق بين ﴿أَنَّكُمْ﴾ الأولى، وبينَ خبرِها (٣) بـ ﴿إِذَا﴾، وكذلك تفعلُ العربُ بكلِّ اسمٍ أوقَعت عليه الظنَّ وأخواتِه، ثم اعترَضَت بالجزاءِ دونَ خبرِه، فتُكرِّرُ اسمَه مرّةً، وتحذِفُه أُخرى، فتقولُ: أَظنُّ أَنكَ إِنْ جالسْتَنا أنك محسنٌ. فإنْ حذَفْت "أنك" الأولى أو الثانيةَ صَلَحَ، وإِنْ ثبَتا (٤) صَلَحَ، وإن لم يُعترَضْ بينَهما بشيءٍ لم يَجُزْ. خطأٌ أن يقالَ: أظنُّ أنك (٥) جالسٌ. وذُكِرَ أنَّ ذلك في قراءةِ عبدِ اللهِ: (أَيَعِدُكم إِذَا مِتُّم وكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُخْرَجُونَ) (٦).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧)﴾.


(١) في ص، م، ت ١، ف: "بقيت".
(٢) سقط من: ت ٢.
(٣) في ت ١: "جرها".
(٤) في م: "أثبتهما".
(٥) في ت ٢: "أن".
(٦) ينظر البحر المحيط ٦/ ٤٠٤.